بسم الله الرحمن الرحيم
لو قام الذي يعاديك ويكرهك يوماً بذكر مساوئ ومعايب عنك أمام
الناس وفي حضورك ، ولكن من دون أن يشير إليك أو يذكر
اسمك ، فلا تقاومه وتدافع عن نفسك ، بل قم أنت بتأييده وانتقاد
من به تلك المساوئ أيضاً وكأنك لا تعلم أبداً أنك المقصود ، وهو
ما سيثير استغرابه .
حاول أن تجيب على تساؤلاته بالتطرق إلى موضوعات أخرى
بعيدة عن الموضوع ، فإن أصر على الموضوع وقام بتسميتك
هذه المرة وأنك المقصود ، فاظهر له استغرابك وأنك كنت تتوقع
أن يكون ذلك مزحاً .. فإن رأيت إصرارا منه ، قم بتلطيف
الأجواء عن طريق إجابات طريفة وسرد بعض النكات . وهذا ما
سيعمل على إغاظته وإثارته أكثر فأكثر ، فتكون نتيجة ذلك ظهوره بمظهر غير لائق وهو ثائر غضبان ، في حين تكون أنت
كقطعة ثلج في صحراء سيبيريا الباردة لا تذوب أبداً . في ذلك
الوقت سيبدأ الشخص بملاحظة نفسه وأنه ثائر على لا شيء وأن
مظهره بالفعل غير لائق أمام الناس ، فيبدأ بالميلان نحو التهدئة
التلقائية ، ومن ثم الوقوع تدريجياً في دائرة الإحراج ، بداء من
الناس الحاضرين أو منك أنت المكروه .. وموقفك ذلك سيجعله
يفكر مستقبلاً ألف مرة قبل أن يهاجمك أمام الآخرين ، وسيدرك
أنه ما كان يجب عليه القيام بذلك ، فتراه وقد تركك نهائياً ، بل ق
د يترك معاداتك وكراهيتك أيضاً ..
من هنا يتبين أن القوة في المرء هي في كتم الغيظ وضبط النفس ،
وليست في الرد بالمثل . فإن الذي يهاجم غيره ، يترك دائماً
ثغرات كثيرة دون أن يدرك ذلك ، فتكون تلك الثغرات هي
منطلقات للهجوم المضاد من الطرف الآخر إن أراد ، ويكون ذلك
الهجوم بالضرورة مؤثراً .. ومن ذلك يتعين على أي فرد منا
الابتعاد عن تلك التفاهات وصغائر الأمور ، ولا يدع مجالاً أو
مساحة في القلب لكره أحد أو معاداته ، فالحياة قصيرة ولا
<>القوة في المرء هي في كتم الغيظ وضبط النفس ، وليست في
الرد بالمثل
التوقيع"